على لسان طفل تسطر صرخاته بمداد من دموع الألم و الحزن مؤملة أن تجد أذناً صاغية تعي ما يلج إليها ، ومن ثم تتفاعل معه ، ثم ترد على هذه الصرخات لبيك لبيك يا فلذة كبدي .
* أنا طفل أقوم قبل فلق الصبح على أزيز الطائرات وقذائف الصواريخ ، بعد جهد جهيد على النوم بعد غروب الشفق بعدما أكون حبيساً للملاجئ ، ومخيمات اللاجئين حين ما تميل الشمس إلى جهة الغروب ويتخلل ذلك صافرات إنذار وفزع وقلق وخوف ، وأنا في أرض أولى القبلتين ومسرا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي أرض خرج منها من حفظ لنا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفي أرض جاءها وقت تسمى بدار السلام .
* أنا طفل يتيم الأب والأم أصرخ صباحاً ومساءً يا أبتاه يا أماه فلا مجيب ، وأنا أتألم مثل ما يتألم غيري من الأطفال فمن يأخذني ويضمني إلى صدره لكي أجد ما يبرد حرارة ألمي ، ومن يمد طرف سبابته يمسح عني دمعاتي الحارة لتي تسيل بغزارة بين الفينة والأخرى ، فأنا فاقد الحب والعطف والأمان .
* أنا طفل حيل بيني وبين أبي ، فأبي حبيس من وراء القضبان ، حُبس قهراً على يد إخوان القردة والخنازير ، أو عبدت الصليب ، أو بسبب جور سلطان جائر ، فأنا لا أسعد مثل ما يسعد غيري من أبناء الحيي في فرحة عيد أو نجاح ....
* أنا يتيم مع أن أبي وأمي على قيد الحياة ، وفي منزلي ؛ إلا أنه لم يصبني شيء من الأبوة والأمومة فهما عني منشغلان مابين لهث وراء جمع المال بشراهة ، ومسامرة مع أصدقاء فأُسندا تربيتي والعناية بي إلى أبوين بديلين يختلفان عني بكل شيء : أخلاق وطبائع وسلوك وصلاح هل عرفتم من أعني بهذين الأبوين هما ما يسميان بالسائق والشغالة .
أرى لزاماً أن أقف من تسطير هذه الصرخات إلى هذا الحد حتى لا أكدر على خاطر البعض ففي أمتنا من يموت كمداً وحسرة أن يسمع مثل هذه الصرخات والنداءات وليس في يديه ما يستطيع به أن يمتد لهذه الصرخات فيحقق مبتغاه ، وإن كنتَ ممن يحمل هم أمته ، ويحقق متطلباتها وعندك القدرة أن تخفف من هم أمتك فإلى بقية هذه الصرخات التي تجلجل صباحاً ومساءً في الأفق في الحلقة القادمة إن شاء الله .