محمد علي كلاي عضو ثمين
عدد الرسائل : 477 العمر : 44 الموقع : www.rasoulallah.net المزاج : الحمد لله السٌّمعَة : 1 نقاط : 7532 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| موضوع: ابو لهب السبت مارس 28, 2009 2:55 am | |
| أمر الله تعالى نبيه محمدًا أن يبلغ قومه وأهله الدعوة إلى دين الإسلام، فأراد النبى أن يدعوا قبيلته ( بنى هاشم ) أولا ، فجمعهم وكانوا حوالي أربعين رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، وقد صنع لهم من أطايب الطعام فأكلوا من ذلك وشربوا . وبعد فراغهم تخير النبى كلمات مناسبة فقال : " الحمد لله أحمده و أستعينه . وأومن به وأتوكل عليه . وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له .. ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله . والله لو كذبت الناس ما كذبتكم ولو غررت الناس ما غررتكم . والله الذى لا إله إلا هو ، إنى رسول الله إليكم خاصة والى الناس عامة . والله لتموتن كما تنامون . ولتبعثن كما تستيقظون . ولتحاسبن بما تعملون .. وإنها للجنة أبدًا أو النار أبدًا " . فلما رأى فيهم استغرابا قال لهم : ما أريد منكم إلا كلمة تحكمون بها العرب وتسودون بها العجم ، فقال له أبو لهب: عشرٌ وأبيك،
فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله ) . وهنا صاح أبو لهب بصوت حاد : هذه والله السوأة !!! خذوا على يديه قبل أن يأخذكم غيركم . وأخذ يحرض الحاضرين عليه حتى رفضوا دعوة النبى الأمين . وانصاع القوم – للأسف الشديد – لصياح أبى لهب وأعرضوا عن هذا الخير العميم الذي أراده لهم النبى . وذهل النبى لما فعله عمه أبو لهب . لقد كان عمه أبو لهب على علاقة متينة به قبل ذلك ، وعلم الرسول أن أبا لهب لن يسكت عنه . وسيستخدم أسلحته كلها لمحاربته خاصة أنه من وجهاء القوم وأنه يتمتع بوجه يتلألأ حمرة وجمالا ، ولذلك لُقب أبو لهب رغم أن اسمه الحقيقى عبد العُزى بن عبد المطلب. و أشفق النبى على دعوته وعلى نفسه فإذا كان عمه وهو أقرب الأقربين إليه يقول له ذلك فما بال الآخرين ؟! لكنه فوض الأمر فى النهاية إلى الله يفعل ما يشاء . ثم إن أبا لهب انصرف عن مجلس النبى وأخذ يدور على بنى هاشم واحدًا واحدًا يؤلبهم ويحرضهم على محمد ويريدهم أن يمنعوه من التفوه بهذا الكلام و إلا تعرضوا جميعًا للسخرية والعداء. وبينما كان أبو لهب يفعل ذلك إذا بمنادٍ ينادى الناس للاجتماع بصوت منذر لهم وأخذ الناس يذهبون متجهين إلى المكان الذي يأتي منه الصوت وهو جبل الصفا . وجاء أبو لهب من ضمن قريش التي أتت عن بكرة أبيها ، وكان الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ، فوجدوا محمدًا واقفًا على هذا الجبل فقال لهم عليه الصلاة والسلام: (أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا. قال النبى : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا. فأنزل الله فى شأنه: { تبت يدا أبى لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارا ذات لهب } المسد:1-3 وأخذ الناس ينصرفون عن النبى وهو ينادى عليهم : * يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله. لا أغنى عنكم من الله شيئا. * يا بنى عبد المطلب! لا أغنى عنكم من الله شيئا. * يا عباس بن عبد المطلب! لا أغنى عنك من الله شيئا. * يا صفية عمة رسول الله! لا أغنى عنك من الله شيئا. * يا فاطمة بنت رسول الله! سلينى بما شئت. لا أغنى عنك من الله شيئا وكلما أراد رجل من القوم أن يقف ليسمع النبى يصرفه أبو لهب مسفها لرسول الله .
رجع أبو لهب إلى امرأته أروى بنت حرب بن أمية ( أم جميل) وهى امرأة من علية القوم وذات نسب وحسب فى قبليتها أيضًا ، فقد كانت أخت أبى سفيان بن حرب زعيم من زعماء قريش ، لكنها سليطة اللسان ويتحاشاها الجميع بسبب ذلك ، فنظرت أم جميل إلى زوجها قائلة : علامّ اجتمع الناس اليوم ؟ فأخبرها أبو لهب بما حدث من شأن محمد . فقالت : أو تتركونه يسب الآلهة ؟ وماذا نفعل يا أم جميل ؟ تأخذون على يده وتمنعونه ، وتؤذونه حتى يعرف أن الأمر جدٌ وليس بالهزل . ثم خرجت امرأة أبى لهب إلى قبائل مكة وقد أطلقت على النبى اسمًا آخر وهو " مذمم " وهو فى المعنى عكس كلمة " محمد " وأخذت تقول لهم : مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا وأخذت تمشى بين الناس بالنميمة ضد النبى . وتجاوزت ذلك فقد كانت تترقب طريقه وتسبه . وكانت تعيره بالفقر . بل كانت تضع الشوك والأذى فى طريق النبى . فأنزل الله في حقها : " وامرأته حمالة الحطب . فى جيدها حبل من مسد " المسد 4 : 5 ولم تتوانى هذه المرأة فى إيذاء النبى حتى أنها كانت إذا عثرت تقول : تعس مذمم . وقد قال النبى أن الله قد أوحى لها أن تطلق عليه اسم "مذمم " حتى يحفظ اسم " محمد " من أن يناله الأذى منهم. وقد نصر الله نبيه وحماه من هذه المرأة السليطة كثيرًا . و إليك هذه الحادثة العجيبة : جاءت امرأة أبى لهب ولها ولولة وفى يدها فهر ، ورسول الله جالس ومعه أبو بكر . فقال له أبو بكر : قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك ، لو تنحيت لا تؤذيك بشئ . فقال رسول الله " إنه سيحال بينى وبينها " فأقبلت حتى وقفت على أبى بكر ، فقالت : يا أبا بكر هجانا صاحبك . فقال أبو بكر : لا ورب هذه البيت ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به. فقالت : إنك لمصدق فولت وهى تقول قد علمت قريش أنى ابنة سيدها قال أبو بكر : ما رأتك ؟! قال : لا . ما زال ملك يسترني حتى ولت " ويا له من موقف عجيب أن يكون النبى مع صاحبه أبى بكر الصديق وتأتى أم جميل فترى أبا بكر فقط ولا تبصر النبى مما جعل أبا بكر يتعجب .
وكانت قبائل العرب الأخرى تأتى مكة لأداء الحج والعمرة فلم يكتفى أبو لهب بما فعله . بل كان يذهب الى كبراءهم ويقول لهم أن محمدًا ابن أخيه وأنه صبأ عن دين الأباء والأجداد وأنه ساحر أو شاعر أوكاهن فلا تسمعوا له فأنا عمه وأعلم الناس به . وكان يقيم لهذه القبائل الحفلات الماجنة حتى يشغلهم بماله عن دعوة الله . بل تفرغ تماما فى مواسم الحج والعمرة ليصد الناس عنه . ويخبرنا أحد الذين رأوا هذا المشهد فيقول : رأيت النبى فى الجاهلية فى سوق ذى المجاز وهو يقول : " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " والناس مجمعون عليه ووراءه رجل وضئ الوجه أحول ذو غديرتين يقول : إنه صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب. فإذا فرغ النبى من مقالته . قال أبو لهب بعده : أنا عم هذا الرجل الساحر الأفّاك المأفون لا تصدقوه أنا عمه عبد العزى أبو لهب لو صدقتموه لسحركم . فكان الناس يقولون وقد أوشك الإيمان أن يلامس قلوبهم كانوا يقولون: لو كان في هذا الفتى خير لكان فيه خير لعمه وأهل الرجل أدرى به. وكان يقول : إن كان ما يقوله ابن أخى هذا حقا فإنى أفتدى بمالى من عذاب يوم القيامة . وكان الرد القرآنى شديدًا عليه إذ قال الله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب )
وكان البون بين أبى طالب وبين أبى لهب كبيرًا ، حيث إن أبا طالب حمل قومه بنى هاشم أن يدافعوا عن النبى . وأكثر من ذلك فإن قريشًا فرضت حصارًا ومقاطعة عن المسلمين فى مكان منعزل يسمى شعب أبى طالب . و دخل أبو طالب عم النبى وجميع بنى هاشم مع المسلمين فى هذا الشعب رغم أنها كانت ظروفًا قاسية جدًا لدرجة أن كثيرًا منهم هلك من شدة الجوع . والتزم جميع بنى هاشم بذلك إلا القليل جدًا منهم أبو لهب الذى خرج من الشعب وأعان المشركين على مقاطعة المسلمين ، فلما خرج لقي هنداً بنت عتبة بن ربيعة . فقال : يا ابنة عتبة هل نصرتُ اللات والعزى ؟ قالت : نعم فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة ! قال : إن محمداً يعدنا أشياء لا نراها كائنة ، يزعم أنها كائنة بعد الموت . فأنَّى ذلك ؟ وظل أبو طالب يقوم بدور المدافع عن النبى حتى وفاته. وقد قال النبى : ما نالت منى قريشٌ نيلا حتى تُوفى أبو طالب . فانكشفت الحماية عن النبى وآلت الزعامة إلى أبى لهب فقال له إخوته : لو عضدت ابن أخيك لكنت أولى الناس بذلك. وبينما كان أبو لهب يفكر فى الأمر لقى النبى فسأله قائلا : يا ابن أخى أخبرنى عمن مضى من الآباء ؟ فقال النبى : إنهم كانوا على غير دين. فغضب أبو لهب وتمادى على عداوته. و لأن الله - الذى يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون – قد علم أن أبا لهب لن يؤمن أبدًا فى أى مرحلة من حياته لذا أنزل على رسوله منذ بداية الدعوة الإسلامية سورة المسد التى تتوعد أبا لهب وامرأته بالعذاب فى الآخرة . وفى ذلك معجزة ظاهرة ودليل واضح على صدق النبوة . إذ لم يؤمن أبو لهب أبدا ، ولا امرأته آمنت ولا كلاهما ، بل ظلا على ما هم عليه ليصدق فيهما قول الله بأنهما من أصحاب النار .
| |
|