41:29 ها هم كلهم باطل وأعمالهم عدم ومسبوكاتهم ريح وخواء.
ثم بدأ النص في الحديث عن صفات ذلك النبي الذي سيبعثه الله لهؤلاء القوم الضالين عبدة الأصنام وتلك الصفات التي وردت في النص لا يمكن أن تنطبق إلا على النبي –صلى الله عليه وسلم:
42: 1 هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم.
42: 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته.
42: 3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفيء إلى الأمان يخرج الحق .
42: 4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته.
42: 5 هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين عليها روحا.
42: 6 أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم.
42: 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة.
42: 8 أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات.
كما نرى فإن تلك الصفات لا يمكن أن تشير إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فهو عبد الله ومختاره الذي أخرج الحق للأمم، ولم يكل ولم ينكسر حتى وضع الحق في الأرض وأرشد الناس إلى جميع الحق، فهو صاحب الشريعة الكاملة التي أتمها الله في عهده، ولم يقبضه إلا بعد اكتمالها( لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض )، ولذلك يقول الله تعالى في سورة المائدة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، وهو الذي عصمه الله من المشركين حتى بلغ رسالته، وأدى أمانته (فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم).. ولذلك يقول الله في قرآنه مخاطبا نبيه(والله يعصمك من الناس).. والنبي-صلى الله عليه وسلم- هو الذي أخرج الناس من ظلمة الشرك وعبادة الأصنام والمنحوتات إلي عبادة الله الواحد (أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات).
والعجيب أن النصارى حملوا الصفات الواردة في النص على المسيح عليه السلام رغم أن تلك الصفات لا يمكن أن تنطبق على المسيح عليه السلام لأن دعوة المسيح قد ظهرت في بني إسرائيل، وهي أمة كتابية ليست من عبدة الأصنام مثل أهل مكة الذين بعث فيهم النبي-صلى الله عليه وسلم-.. بل إن المسيح قد بعث في بني إسرائيل في وقت كانوا قد تخلصوا فيه من الوثنية وعبادة الأصنام تماما.. وكلمة (وضعت روحي عليه) التي وردت في النص تعنى النصرة والتأييد من الله، وهى عامة لجميع الأنبياء، ولا يختص بها المسيح من دونهم، ومثال ذلك ما جاء في الكتاب المقدس (وكان روح الله على عزريا بن عوديد)، وأيضا ما جاء في الكتاب المقدس في سفر العدد(يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذا وضع الله روحه عليهم). ولو افترضنا أن النص يتحدث عن المسيح عليه السلام ؛ فهو بذلك يثبت أن المسيح عليه السلام هو عبد لله، وليس ابنا له أو شريكا معه في الألوهية(هو ذا عبدي الذي أعضده).. والمفاجأة التي وجدناها في النص عند قراءته في النسخة الإنجليزية ( وما أكثر المفاجآت عند مقارنة النسخة العربية بالنسخة الإنجليزية ! ) هو أن كلمة ( الأمم ) الواردة في النص ليست ترجمة لكلمة (nations) كما هو متوقع ولكنها ترجمة لكلمة (gentiles) وتترجم في العربية إلى الأميين ويقول قاموس الكتاب المقدس (إيستون بيبل ديكشوناري) أن هذا اللفظ هو ترجمة لكلمة ( جوييم ) في العبرية وهو لفظ يطلقه اليهود على الأمم الغير إسرائيلية ويقول أيضا أن اليهود يستخدمونه كمصطلح لاحتقار الأمم الأخرى من غير اليهود حيث يقسم اليهود الناس إلى صنفين: أهل كتاب يقصدون أنفسهم وباقي الناس يطلقون عليهم هذا اللفظ ( جوييم ) أو ( أميين ) .. وبالطبع يرفض النصارى هذا التقسيم باعتبارهم أيضا من أهل الكتاب، وهذا هو الحق عند المسلمين وهو أن هذا اللفظ كان يستخدم لوصف الأمم من غير أهل الكتاب قبل ظهور الإسلام كما يخبرنا القرآن الكريم: (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا). آل عمران 20.. (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) آل عمران: 75..وهم الذين بعث فيهم النبي –صلى الله عليه وسلم- ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) الجمعة 2..(الذين يتبعون النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل)..الأعراف 157.. (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) الأعراف 158.. والصفات السابقة هي تقريبا نفس الصفات التي وردت في النص الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عطاء بن ياسر أنه قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت: أخبرني عن صفة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في التوراة، قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا ).
وبعد حديث النص عن عبدة الأصنام وعن صفات النبي الذي سيخرج فيهم بدأ النص في الحديث عن مكان خروج الرسالة الجديدة:
42: 10 غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحة من أقصى الأرض.
والرسالة الجديدة كما يخبر النص، تخرج من أقصى الأرض، ولأن هذا النص قد نزل في القدس فإن المقصود بأقصى الأرض هو الجزيرة العربية ، إذ أن أقصى الأرض بالنسبة للقدس هو جزيرة العرب، كما أن أقصى الأرض بالنسبة لجزيرة العرب هو القدس، ومن هنا جاءت تسمية المسجد الأقصى بهذا الاسم..(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا)..والمسيح عليه السلام أكد بنفسه في الإنجيل أن أقصى الأرض هو الجزيرة العربية وذلك عندما تحدث عن ملكة سبأ في إنجيل متى 12: 42:(أتت من أقصي الأرض لتسمع حكمة سليمان ).. ومن المعروف أن مملكة سبأ كانت تقع جنوب الجزيرة العربية..