بين السماء والأرض
حدثنا الشيخ عائض القرني حفظه الله في أمسية عندما زار اليمن قبل بضع سنوات فقال:
ركبت في طائرة من أبها إلى الرياض عقب أزمة الخليج الأولى، لا أعادها الله علينا، ولما اقتربنا من الرياض أُخبرنا أن الطائرة فيها عطل وأنها سوف تتأخر في الجو، وانظر أنت راكب في طائرة في الجو ويقال لك إن الطائرة فيها عطل (وانتظروا)، لا مقهى تنتظر فيه ولا مستشفى ولا شيء!! وقالوا عليكم الصبر والسكينة!!
بين السماء والأرض عليكم الصبر والسكينة؟!!
قال الشيخ: فكرت أن أكتب وصيتي لكن لمن أعطيها؟؟ وبمن أتصل بالهاتف؟؟ ومن تكلم؟؟ أتصل بالواحد الأحد، الله وحده.. يقول سبحانه وتعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه)، يقول: فسألنا الواحد الأحد، والتجأنا إليه وبكينا وبعضنا عاهد الله أن يتوب ولا يعود، ويوم نزل في المطار رجع!!!
وجلسنا في الجو ساعة تمّت فيها عشر محاولات كاملة حتى جاء الفرج من الله بعد المحاولات العشر وتم إصلاح العطل.
يقول الشيخ: لقد عانينا في تلك الرحلة الكثير وكتبت فيها قصة (لذة المعاناة)، لذة المعاناة أنها تقربك من الواحد الأحد، أنها تعلمك أن العالم ليسا بشيء.. دراويش ومساكين وحشرات، كم من فوق التراب تراب، لا يملكون ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فهو سبحانه المقصود وهو المحمود وهو الفعّال لما يريد وقلت في تلك الرحلة:
يا رب أنت الواحد القهار
............ أنت المجير وليس منك يجار
ولقد ذكرتك في مخاطر رحلة
............ جوية سارت بها الأخبار
كادت بطائرة (الخطوط) وفاتنا
............ تدنو وتروي موتنا الأقطار
و(الكابتن) البيطار أعلن عجزه
............ وعلى (المضيف) كسافة وقتار
وتفجع (الركاب) كل ذاهل
............ ملأ الفضاء تشهد وجؤار
ناديت يا الله فرج كربنا
............ ودعوت يا غفار يا ستار
نجيتنا وحفظتنا وحميتنا
............ فالحمد ربي ما أطلّ نهار