مع الشيخ عائض القرني
ضل من تدعون إلا إياه
يقول الشيخ عائض القرني: في عام 1413 هـ سافرت من الرياض إلى مدينة الدمام، فوصلت ما يقارب الساعة الثانية عشرة ظهراً، ونزلت المطار وأنا أريد صديقاً لي، ولكنه كان في عمله ولا يخرج إلا متأخراً، فذهبت إلى فندق هناك، وأخذت سيارة إلى ذاك المكان، فلما دخلت الفندق لم أجد فيه كثير ناس وليس الموسم موسم عطل ولا زوار واستأجرت غرفةً في الفندق وكانت في الدور الرابع، بعيدة عن الموظفين والعمال، ولا أحد معي في الفندق، ودخلت الغرفة ووضعت حقيبتي على السرير، وأتيت لأتوضأ، وأغلقت غرفة الوضوء، فلما انتهيت من الوضوء أتيت لأفتح الباب فوجدته مغلقاً لا يُفتح، وحاولت أن أفتح الباب بكل وسيلة ولكن ما انفتح لي، وأصبحت داخل هذا المكان الضيق، فلا نافذة تشرف، ولا هاتف أتصل به، ولا قريب أناديه، ولا جار أدعوه، وتذكرت رب العزة سبحانه، ووقفت في مكاني ثلث ساعة وكأنهُ ثلاثة أيام، سال العرق، ورجف منها القلب، واهتز منها الجسم لقضايا، منها: أنه في مكان غريب عجيب ومنها: أن الأمر مفاجئ، ومنها: أنه ليس هناك اتصال فيُخْبَرُ صديق أو قريب، ثم إن المكان ليس لائقاً، وأتت العبر والذكريات، وماجت الأحداث في ثلث ساعة!.. وفي الأخير فكرت أن أهز الباب هزاً، وبالفعل بدأت بهز الباب بجسم ناحل ضعيف، مرتبك واكتشفت أن قطعة الحديد تُفتح رويداً رويداً كعقرب الساعة، فهززت الباب وكلما تعبت توقّفت، ثم واصلت، وفي النهاية فتح الباب!.. وكأنني خرجت من قبر وعدت إلى غرفتي، وحمدت الله على ما حدث، وذكرت ضعف الإنسان، وقلة حيلته، وملاحقة الموت له، وذكرت تقصيرنا في أنفسنا وفي أعمارنا، ونسياننا لآخرتنا.
عزيز عبيدان- تعز