مقاصد الشريعة الإسلامية
أ. أحمد إدريس عبده(*)
المقاصدهي الغايات والأسرار التي وضعها الشارع في كل حكم من أحكامها لأجل تحقيقها لمصلحة العباد.
إثبات أن للشريعة مقاصد من التشريع: لا يشك أحد في أن كل شريعة شرعت في أحكامها ترمي إلى مقاصد أرادها مشرعها الحكيم تعالى، إذ قد ثبت بالأدلة القطعية أن الله تعالى لا يخلق الأشياء عبثا، دل على ذلك صنعه في الخلقة كما أنبأنا عنه قوله: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق وقوله: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا.
ومن أعظم ما اشتمل عليه خلق الإنسان خلق قبوله التمدن وأعظمه وضع الشرائع لهن وما أرسل الله الرسل وأنزل الشرائع إلا لإقامة نظام البشر قال تعالى: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط فالشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث ليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل.
وشريعة الإسلام هي أعظم الشرائع وأقومها كما دل عليه قوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام بصيغة الحصر المستعمل في المبالغة، وأيضا وجدنا أن الله تعالى قد وصف الكتب المنزلة قبل القرآن بأوصاف الهدى وسماها دينا وشرائع، ومن ذلك قوله: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ثم قال: وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى