العمرة هي زيارة المسجد الحرام في مكة للقيام بمناسك خاصة، كالطواف، السعي والحلق. والعمرة مشروعة بأصل الإسلام،[1] أما حكمها فذهب العلماء إلى قولان؛ الأول يرى أنها واجب، وهو مذهب أحمد بن حنبل والشافعي،[2] واستندوا في رأيهم على ما رواه أهل السنن عن أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي محمد فقال: "إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال النبي: حج عن أبيك واعتمر"،[3] وما ذكر في القرآن: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ...}،[4] أما الرأي الثاني فيرى أنها سنة وهو مذهب مالك بن أنس وأبي حنيفة واستندوا في ذلك إلى ما رواه جابر بن عبد الله أن النبي محمد سئل عن العمرة: "أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك".
فرضت العمرة في السنة التاسعة للهجرة،[5] ويصح أداء العمرة طوال أيام السنة، بمعنى أنه لا وقت محدد لها باستثناء أيام الحج،[6] والعمرة تختلف علن الحج؛ إذ أن الحج ركن من أركان الإسلام وواجب على كل مسلم قادر، كما أن له وقت محدد لأداء مناسكه وهذا عكس العمرة. تبدأ مناسك العمرة بأن يقوم المعتمر بالإحرام من المواقيت المحددة، ثم التوجه إلى مكة ودخول المسجد الحرام، يقوم المعتمر بعد ذلك بأداء الطواف ثم السعي بين الصفا والمروة، وتنتهي المناسك بالحلق أوالتقصير.
فضل العمرة
وردت عن النبي محمدصلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل أداء مناسك العمرة، وعن الثواب الذي يجنيه المسلم جراء أداء هذا النسك،[8] ومن أبرز هذه الأحاديث: ما رواه أبو هريرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"،[9] وما ورد في سنن ابن ماجة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم"،[10] وما رواه عبد الله بن عمر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من طاف بالبيت، لم يرفع قدما ولم يضع أخرى إلا كتب الله له حسنة، وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة"،[11] وما ورد في صحيح البخاري عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة"،[12] وما ورد في سنن الترمذي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب بالمغفرة كما ينفي الكير خبث الحديد"، وما روته عائشة بنت أبي بكر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال لها في عمرتها: "إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك".
أنواع العمرة * العمرة المفردة.
* عمرة التمتع، وهي بمثابة الجزء من حج التمتع.
في العمرة المفردة يخيّر الرجل بين حلق شعره وتقصيره, أما في عمرة التمتع فعليه أن يقصرّ ولا يجوز أن يحلق. العمرة المفردة تقع في أي يوم من السنة, وأما عمرة التمتع فيجب أن تكون في أشهر الحج (شوال, ذو القعدة, ذو الحجة) وتلحق بحج التمتع في نفس السنة. إحرام عمرة التمتع يجب أن يقع في أحد المواقيت البعيدة ولا يصح في أدنى الحل– وفي بعض الصور خلاف-, أما إحرام العمرة المفردة فيمكن إيقاعه في أدنى الحل.
المواقيتالمواقيت هي الأماكن التي حددها النبي محمدصلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يحرم لأداء مناسك العمرة أو الحج،[13] وهي كالتالي:
* ذا الحليفة: تسمى الآن آبار علي وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي الميقات المخصص لأهل المدينة المنورة[14] وكل من أتى عليها من غير أهلها، وتبعد عنها حوالي 18كم.
# الجحفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر وكل دول المغرب العربي ومن كان وراء ذلك،[14] وقد اندثرت هذه القرية حالياً، وحلت مدينة رابغ محلها فأصبحت هي الميقات البديل.
# قرن المنازل: يسمى أيضاً ميقات السيل الكبير، وهو الميقات المخصص لأهل نجد، ودول الخليج العربي وما ورائهم،[14] ويبعد عن مكة حوالي 74كم تقريباً.
# يلملم: وهو ميقات أهل اليمن، وكل من يمر من ذلك الطريق، وسمي الميقات بهذا الاسم نسبة لجبل يلملم.[15]
# ذات عرق: هو ميقات أهل العراق وما ورائها،[15] وهذا الميقات لم يذكر في حديث النبي محمد عن المواقيت، ولكن تم تحديده من خلال الخليفة عمر بن الخطاب.[15]
# ميقات أهل مكة أهل مكة يحرمون من بيوتهم أو المسجد الحرام إن شاءوا،[16] فإن عليهم أن يخرجوا إلى حدود الحرم للإحرام إما من التنعيم أو عرفة.[17]
الإحرامالإحرام هو نية الدخول في النسك مقروناً بالتلبية،[18] وهو واجب من واجبات الإحرام بمعنى أن على من تركه فدية، إما أن يذبح شاة،[19] أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين.[18] إذا وصل المسلم إلى الميقات وأراد أن يحرم فيستحب له أن يقص أظفاره ويزيل شعر العانة، وأن يغتسل ويتوضأ.[20] ثم يلبس بعد ذلك ملابس الإحرام، بالنسبة للرجل فيلبس إزار ورداء أبيضين طاهرين، أما المرأة فتلبس ما تشاء من اللباس الساتر دون أن تتقيد بلون محدد،[21] لكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين.[21] بعد ذلك يصلى المعتمر ركعتي الإحرام،[22] ثم ينوي بعد ذلك العمرة بقلبه أو بلسانه، ويقول "لبيك عمرة".
ملابس الإحرام (يمين)
محظورات الإحرام يقصد بها الأمور التي يمنع المحرم من فعلها بسبب إحرامه،[23] وتنقسم المحظورات إلى محظورات مشتركة بين الرجال والنساء، ومحظورات خاصة بالنساء وأخرى بالرجال، أما المحظورات المشتركة فهي إزالة الشعر، تقليم الأظافر،[23] الجماع، التطيب أي وضع العطر في البدن أو في ثياب الإحرام، قتل الصيد البري كالغزلان، وعقد الزواج.[23] أما المحظورات الخاصة بالرجال فهي لبس الملابس المخيطة،[24] وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن كالقميص أو البنطال،[24] كما يحرم عليه إنزال المني باستنماء أو جماع،[24] وتغطية الرأس بملاصق، كالطاقية وما شابهها. أما المحظورات الخاصة بالنساء فهي لبس القفازين أو النقاب.[25] فإن فعل المحرم المحظور جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية،[26] وإن فعل المحرم المحظور لحاجة إليه فلا إثم عليه ولكن عليه فدية.[27]
لباس الحرم