الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فهذا الدين رفع مكانة المرأة وكرمها ،فهي في الإسلام درة مصونة ،حجابها رمز عفتها ، وتاج وقار على
رأسها
وبامتثال المسلمة للتوجيهات الربانية ،ووصايا السنة النبوية ‘ تطيع ربها ، وتصون عفتها ،وتحفظ نفسها من
شياطين الإنس والجن .
حورٌ حرائر ما هممن بريبةٍ ... كظباء مكة صيدهن حرام ...
يُحسبن من لين الكلام فواسقا... ويردُّهن عن الخنى الإسلام ...
ورسولنا r
ما ترك خيراً إلا ودل الأمة عليه، ولا شراً إلا ونهى الأمة عنه .
تركنا على البيضاء ليلها كنهارها ، لايزيغ عنها إلا هالك
والله عز وجل ما أطيع إلا بالعلم ، وما عصى إلا بالجهل .
قال جل وعلا( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ).
فكل من تاب إلى الله قبل الموت تاب من قريب ،وكل من عصى الله فهو جاهل.
ينظر مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/321) .
ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (1/225) بإسناد صحيح عن الزهري قال:
( ما عبد الله بمثل العلم ).
وقال سفيان الثوري رحمه الله : من أراد الدنيا والآخرة فعليه بطلب العلم.
,ومن عبد الله بجهالة فكأنما عصاة
قال أبو الفرج ابن الجـوزي في أحكام النساء (22):
المرأة شخص مكلف كالرجل ، فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها ، لتكون من أدائها على يقين.فإن لم
يكن لها أب ، أو أخ ، أو زوج ، أو محرم ، يعلمها الفرائض ، ويعرفها كيف تؤدي الواجبات كفاها ذلك ،
وإن لم تكن سألت وتعلمت ، فإن قدرت على امرأة تعلم ذلك ، تعرفت منها ، وإلا تعلمت من الأشياخ ،
وذوي الأسنان من غير خلوة بهم ، وتقتصر على قدر اللازم ، ومتى حدثت حادثة في دينها سألت عنها ،
ولم تستح ، فإن الله لا يستحي من الحق.أ.هـ
والغرض من تعلم العلم الشرعي العمل به ، وطلب الأجر والثواب من الله ، ورفع الجهل عن النفس
أخرج ابن أبي شيبة (29920) ، وأحمد (5/410) بسند صحيح
عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا الدين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي r
وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا .
ولم يكن السلف يطلقون اسم الفقيه إلا على من جمع بين العلم والعمل
والعمل بالعلم سبب للثبات ، قال جل وعلا:
( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا ).
روى الخطيب البغدادي بسنده في اقتضاء العلم العمل (40 ):
عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه : هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل
رواه الخطيب في اقتضاء العلم العمل (35)وفيه لطيفة إسنادية مسلسل برواية تسعة آباء ..تدريب الراوي (2/261).
قال ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (1/704)قال عبدالملك بن إدريس رحمه الله :
والعلم ليس بنافع أربابه مالم يفد عملاً وحسن تبصر
سيان عندي من لم يستفد عملاً به وصلاة من لم يطهر
فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها لاترض بالتضييع وزن المخسر
قال أبوالدرداء رضى الله عنه :
إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال لي : قد علمت فماذا عملت فيما علمت؟.
رواه ابن المبارك في الزهد (52)،وأحمد في الزهد (2/58)، وأبونعيم في الحلية (1/231)،ورواه
بنحوه الحارث بن أسامة في مسنده (1124) ، والخطيب في اقتضاء العلم العمل (41 ).وهو حسن
وقد كان السلف رحمهم الله يستعينون على حفظ الحديث والعلم بالعمل به .
قال الخطيب البغدادي في اقتضاء العلم العمل (14):العلم شجرة ،والعمل ثمرة … فلاتأنس بالعمل
مادمت مستوحشا من العلم ، ولاتأنس بالعلم ماكنت مقصرا في العمل ، ولكن اجمع بينهما وإن قل نصيبك منهما .
وقد كان الصحابيات رضى الله عنهن يحرصن على تعلم العلم .
إني أتكشف فادع الله لي !
لله درها كان همها والذي أقلقها أن تتكشف فيخرج شيئا من جسدها مع أنها معذورة بالمرض ويصيبها الصرع !
هل رأيتم مثل حرص هذه المرأة على ستر جسدها وحفظ نفسها؟!
واليوم وللأسف كم من فتاة تقوم وهى في كامل صحتها وعافيتها بمخالفة أمر ربها ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟!
فتكشف عن شيء من جسدها ،وتبرز مفاتنها ، وتعصي الله جل وعلا بنعمه عليها!
أوليس الذي وهبها هذه النعم قادرا على أن يسلبها منها؟!
عن عطاء بن أبى رباح قال قال بن عباس رضي الله عنهما – ألا اريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى قال هذه المرآة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أنى اصرع
إني أتكشف فادع الله لي 000
قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت أصبر فقالت إني أتكشف فادع الله لي إن لا أتكشف فدعا لها..رواه البخاري ومسلم
فتذكري أخيتي دائما أن هناك جنة ونار ، وجزاء وحساب ، فهذا مما يبعث على العمل والزهد في الدنيا ، وترك الذنوب والمعاصي..
قال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين (2:79): (وإذا خلا القلب من ملاحظة الجنة والنار ورجاء هذه والهروب من هذه فترت عزائمه وضعفت همته ووهن باعثه، وكلما كان أشد طلبا للجنة وعملا لها كان الباعث للطاعة أقوى، والهمة أشد، والسعي أتم).
الماشطة المؤمنة..
لك أن تتصوري هذه (الماشطة) التي تعمل في قصر فرعون وتكتم إيمانها ، وفجأة يعلم بها، فيدعوها إلى القول بربوبيته!
ويأمر زبانيته وجنوده بقتل فلذات كبدها إن لم تستجب له!
فيؤخذ الأول من أطفالها ويلقى في النار وهى تنظر !
فلا يثنيها ذلك عن دينها ، ويلقى الآخر تلو الآخر في النار وهى كأنما يسل قلبها من بين جنبيها..ولايزيدها ذلك إلا ثباتا وإصرارا على طاعة ربها..
ثم يأمر فرعون بقتل رضيعها فتتشبث به وتتقاعس خوفا عليه..فينطقه الله مصبرا لها
(يا أماه , اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة)..
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لما كانت الليلة التي أسري بي فيها وجدت رائحة طيبه فقلت : ماهذه الرائحة الطيبة ياجبريل ؟
قال : هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها .فقلت : ماشأنها ؟
قال : بينا هي تمشط بنت فرعون ، إذ سقط المشط من يدها فقالت بسم الله ، فقالت بنت فرعون : أبي ؟ فقالت : لا ، ولكن ربي وربك ، ورب ابيك ، الله .
قالت : وإن لك ربا غير أبي ؟ قالت : نعم ، قالت : فأعلمه بذلك ؟ قالت : نعم ، فأعلمته فدعا بها ، فقال : يافلانة ألك رب غيري ؟ قالت : نعم ربي وربك الله .
فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أخذ أولادها يلقون فيها واحدا واحدا .
فقالت : إن لي إليك حاجة ؟قال : وماهي ؟
قالت : أحب أن يجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد فتدفن جميعا .
قال : وذلك لك علينا .
فلم يزل أولادها يلقون في البقرة حتى انتهى الى ابن لها رضيع فكأنها تقاعست من أجله ، فقال لها : ياأماه . اقتحمي ، فان عذاب في الدنيا أهون من عذاب في الآخرة ))
الحديث اخرجه احمد(1/310)،وابن حبان في صحيحه(2903)،والحاكم (3835)،وأبويعلى في مسنده(2517)، والطراني في الكبير(12279)وهو من رواية حماد بن سلمه عن عطاء بن السائب .
وحماد بن سلمه روى عن عطاء قبل الإختلاط وبعده، ومع ذلك الحديث قال عنه الذهبي في تاريخ الإسلام(1/73)(هذا حديث حسن)وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره(3/22)(اسناده لابأس به).
هل رأيت مدى ثبات هذه المرأة على دينها وصبرها؟! وكيف أنها ضحت بنفسها وفلذات كبدها..رجاء ماعند الله عز وجل فكانت النتيجة:
(لما كانت الليلة التي أسري بي فيها وجدت رائحة طيبه فقلت : ماهذه الرائحة الطيبة ياجبريل ؟ قال : هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها)..
كم من فتاة فعلت المعصية بمحض إرادتها ولم تكره عليها..
استجابة لنداء الشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء، ورفيقات الشر!
ففعلت المعصية بجوارحها فنظرة إلى الحرام ، ولبست الضيق من الثياب ،ونمصت حجباها، وأضاعت صلاتها، وعقت والديها ، وعصت ربها..
وهناك يوم القيامة يتبرأ منها الشيطان ورفيقات السوء الآتي زين لها الوقوع في المعصية..
(وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ماأنا بمصرخكم وماأنتم بمصرخي)..
ويوم يعض الظالم على يديه يقولوا ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا. لقد أظلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للأنسان خذولا).
وإليك الآن بعض التوجيهات والتنبيهات التي اتمنى أن تفتحي لها قلبك وأن تتأملي مافيها وتعملي بها جعلنا الله جميعا هداة مهتدين...
* لا يجوز للمرأة الخلوة بالرجل الأجنبي .
لقول النبي r: (( لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم ))
رواه البخاري (4953)،ومسلم(1341)عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ولقوله عليه الصلاة والسلام (( لا يخلون رجل بإمرأة فإن ثالثهما الشيطان ))
رواه أحمد (177)،والترمذي (2165)،والنسائي في الكبرى (9291)،وابن حبان(7254) ،والبيهقي
(13299) ،والحاكم (387)وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين .عن عمر رضي الله عنه. وإسناده صحيح
فلا يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة أو غير ذلك
قال شيخ الإسلام في الإختيارات الفقهية (291)وتحرم الخلوة بغير محرم ، ولو بحيوان يشتهي المرأة ، أو تشتهيه ، كالقرد)!
ينظر كتاب أحكام النساء لابن الجوزي (33)
فإذا كان أهل العلم ينهون عن خلوة المرأة بحيوان يشتهيها،فكيف بخلوتها بالخادم والسائق؟!
وقد يقع التساهل في الخلوة من بعض النساء مع إخوة الزوج وأبناء العم والخال وغيرهم من الأقارب من
غير المحارم وهذا من المنكرات الشائعة .
روى البخاري (4934 )،ومسلم (2172 )عقبة بن عامر – رضي الله عنه – أن رسول الله r
قال
إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : (الحمو الموت). والحمو: هو أخو الزوج أو قريبه
وقوله r: (
الحمو الموت ) وذلك لأن التهمة في الغالب بعيدة عنه.
قال النووي في شرحه على مسلم (14/154)الحمو الموت) معناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر
يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكرعليه بخلاف الأجنبى ).
وقد صرح الإمام القرطبي في تفسير سورة الممتحنة أن الخلوة بغير محرم من الكبائر ومن أفعال الجاهلية.
* المسلمة مأمورة بالحجاب
قال جل شأنه يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) [الأحزاب:59 ]
والحجاب علامة الطهر والعفة
وستر الوجه واجب على المرأة ، وقد كان ذلك معهوداً في زمنه
كما يشير إليه r
بقوله : ( لاتنتقب المرأة المحرمة ، ولاتلبس القفازين )
رواه البخاري(1741)
وروى ابن خزيمة في صحيحه (2690) ، والحاكم (1686)
عن أسماء رضى الله عنها قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال . وسنده صحيح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (15/371):
(وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن
وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن).
وقال رحمه الله في حجاب المرأة المسلمة ولباسها في الصلاة (19):
( الوجه واليدان من الزينة التي أُمرت أن لا تظهرها للأجانب )
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله _ في فتح الباري (9/224):
( لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب )
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان (6/586):
( ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها ، قوله تعالى
(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) [الأحزاب :59 ]فقد قال
غير واحد من أهل العلم إن معنى ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) :
أنهن يسترن بها جميع وجوههن ولا يظهر منهن شيء إلا عين واحدة تبصر بها!
وممن قال به ابن مسعود ، وابن عباس ، وعبيدة السلماني وغيرهم ).
وقال في (6/594): عن حديث عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقول : لما نزلت هذه الآية
( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي ، فاختمرن بها. صحيح البخاري (4481)
( قال ابن حجر في الفتح (8/490)في شرح هذا الحديث : قوله : فاختمرن: أى غطين وجوههن ،
وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر ، وهو التقنع .
قال الفراء : كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار. انتهى
محل الغرض من فتح الباري . وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه
فهمن أن معنى قوله تعالى :
( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) [النور:31 ]
يقتضي ستر وجوههن ، وأنهن شققن أزرهن ، فاختمرن أي سترن وجوههن بها امتثالاً لأمر الله في قوله
تعالى: ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) [النور:31 ] المقتضى ستر وجوههن ، وبهذا يتحقق
المنصف : أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب
الله تعالى ، وقد أثنت عائشة رضى الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن ، لامتثال أوامر الله في كتابه .
ومعلوم أنهن مافهمن ستر الوجوه من قوله : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) [النور:31 ] إلا من النبي r
لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن ، والله جل وعلا يقول : ( وأنزلنا إليك
الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) [النحل:44 ] فلا يمكن أن يفسرنها من تلقاء أنفسهن)أ.هـ.
وقال جل وعلا عن ابنة صاحب مدين في قصته مع موسى عليه السلام
( فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) [القصص
:25]قال عمر رضي الله عنه : جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع من
النساء ، ولاجة ، خراجة !رواه ابن أبي حاتم
قال الحافظ ابن كثير (6/228):هذا إسناد صحيح ،قال الجوهري :
السلفع من الرجال الجسور، ومن النساء الجريئة السليطة ،ومن النوق الشديدة
وقوله جل وعلا( قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) [القصص :25]
هذا تأدب في العبارة لم تطلبه طلبا مطلقا لئلا يوهم ريبة بل قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا
يعني ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا أ.هـ.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في رسالته (خطر التبرج والسفور على الفرد والمجتمع) :
( ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة، وقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً
فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب:53] لم يستثن شيئاً، وهي آية محكمة فوجب الأخذ بها والتعويل
عليها، وحمل ما سواها عليها. والحكم فيها عام في نساء النبي وغيرهن من نساء المؤمنين، وتقدم من
سورة النور ما يرشدك إلى ذلك، وهو ما ذكره الله سبحانه في حق القواعد وتحريم وضعهن الثياب إلا
بشرطين، أحدهما: كونهن لا يرجون النكاح، والثاني عدم التبرج بالزينة، وسبق الكلام على ذلك، وأن الآية
المذكورة حجة ظاهرة، وبرهان قاطع على تحريم سفور النساء وتبرجهن بالزينة.
ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها خمرت وجهها لما سمعت
صوت صفوان بن المعطل السلمي وقالت إنه كان يعرفها قبل الحجاب، فدل ذلك على أن النساء بعد نزول
آية الحجاب لا يُعرفن بسبب تخميرهن وجوههن، ولا يخفى ما وقع فيه النساء اليوم من التوسع في التبرج
وإبداء المحاسن، فوجب سد الذرائع وحسم الوسائل المفضية إلى الفساد وظهور الفواحش ).
لا تنسونا من صالح دعائكم