لا غنى للمرأة المسلمة التي تؤمن بالله واليوم الآخر عن توجيهات القرآن الكريم، لأنّ نجاتها في الآخرة وفلاحها في الدنيا ودخولها الجنة محصورٌ في تمسكها بكتاب الله.
ومن توجيهات القرآن للمرأة المسلمة توجيهها للتمسك بالحجاب الشرعي والتأكيد عليها بالمحافظة عليه والله عز وجل أمر النساء والبنات بالحجاب، فقال لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهنَّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) - الأحزاب: 59.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - في "الفتح": (9/224): لم تزل عادة النساء قديما وحديثا أن يسترنَ وجوههنَّ عن الأجانب "انتهى كلامه ـ رحمه الله، وقال الإمام السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ: "هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن" انتهى كلامه، ويقول الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ معلقاً على الآية السابقة: (وبهذا ظهر عموم فرض الحجاب على نساء المؤمنين على التأبيد).
قال الله تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميعٌ عليمٌ ) [النور: 60].
يقول الشيخ بكر أبو زيد معلقاً على الآية الكريمة: (فدلَّت هذه الآية على فرض الحجاب على نساء المؤمنين لوجوههن وسائر أبدانهن وزينتهن؛ لأن هذه الرخصة للقواعد، اللاتي رُفع الإثم والجناح عنهن، إذ التهمة في حقهن مرتفعة، وقد بلغن هذا المبلغ من السن واليأس، والرخصة لا تكون إلا من عزيمة، والعزيمة فرض الحجاب في الآيات السابقة.
وبدلالة أن استعفاف القواعد خير لهن من الترخص بوضع الثياب عن الوجه والكفين، فوجب ذلك في حق من لم تبلغ سن القواعد من نساء المؤمنين، وهو أولى في حقهن، وأبعد لهن عن أسباب الفتنة والوقوع في الفاحشة، ولذا فإن هذه الآية من أقوى الأدلة على فرض الحجاب للوجه والكفين وسائر البدن، والزينة بالجلباب والخمار) انتهى كلامه ـ رحمه الله ـ.
ومن الأحاديث التي تدل على فرضية الحجاب حديث أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ محرمات، فإذا حاذَوا بنا سَدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه.
رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والدارقطني، والبيهقي.
وللحجاب فوائد كثيرة منها حفظ العرض الذي يُمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمسلم، والمرأة العفيفة هي التي تتمسكُ بحجابها وتحرص عليه فلا تُعرض نفسها لمحاولة الاعتداء أو تكون مطمعاً للذين في قلوبهم مرض.
ومن فوائد الحجاب طهارة قلب المرأة المسلمة، والمسلمة بحجابها أقرب لطهارة القلب كما قال الله تعالى: (وإذا سألتموهنَّ متاعاً فأسألوهنّ من وراءِ حِجابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (53) سورة الأحزاب .
ومن فوائد الحجاب أنّه من مكارم الأخلاق للمرأة المسلمة، فالمرأة المسلمة المتحجبة تتصف بالأخلاق الفاضلة، والحجاب يُميزها عن غيرها من النّساء غير المتمسكات بالأخلاق الفاضلة.
والمرأة المتحجبة المتمسكة بالعفة تكنْ بعيدة كلّ البعد عن أذية النّاس، قال تعالى: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) (59) سورة الأحزاب)،. وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دار إلا أكسبتها الوقار.
ومن محاسن الحجاب أنّه فيه حفظٌ للحياء إذ به تتعودُ المرأة على خلق الحياء الذي هو من الإيمان والحياء لا يأتي إلاّ بخير، فالمرأة المتحجبة أكثر حياء من المتبرجة.
ومن محاسن الحجاب أنّه من الوسائل المهمة لدرء الفاحشة لأنّ المرأة عندما تتحجب وتتستر عن أنظار الرجال تُقلل فرص الذين في قلوبهم مرض فلا يستطيعون نصب حبائلهم للنّساء ولا يكونُ لهم عليهنّ سبيلا.
وفي نهاية هذه المقالة أتوجه بالنصح لكلِّ مؤمنة تؤمنُ بالله واليوم الآخر أن تتقي الله وأن تكون قدوة خيرٍ لغيرها من النساء المؤمنات وذلك بالتمسك بالحجاب الشرعي لتكون لها السعادة في الدنيا والآخرة.
وقفة: قال الشاعر علي الجارم:
يا ابنتي إن أردتِ آيـــةَ حُسنٍ وجمالاً يزينُ جِسماً وعقــلا
فانبذي عادة التبرج نبـــــــذاً فجمالُ النفوس أسمى وأعلى
واجعلي شيمة الحياءِ خِماراً فهو بالـــغادة الكريمةِ أولى
ليس للبنتِ في السعادة حظٌّ إن تناءِى الحياءُ عنها وولّى
والبسي من عفافِ نفسكِ ثوباً كلُّ ثوبٍ سواه يفنى ويبلى