ما بين مؤيد ومعارض، عادة ما تولد الأفكار الجديدة لتتصارع مع أخرى تقليدية لتعثر لنفسها على مساحة قد تفرض من خلالها ذاتها، بفضل تطور لم تنجح أي من الشركات الإلكترونية الكبرى في التوصل إليه، من منطلق السعي والحرص الشركاتي الدؤوب على تقديم أفضل مستوى خدماتي للعملاء حول العالم.
ولعل الطراز الجديد من جهاز قراءة الصحف والمجلات الإلكتروني كيندل إي ريدر الذي كشفت عنه مؤخرًا شركة التجارة الالكترونية الأميركية "أمازون دوت كوم"، واحد من أكثر المنتجات الإلكترونية التي أحدثت ردود أفعال واسعة ولاقت جانبًا كبيرًا من الأقاويل والمناقشات على مدار الأيام القليلة الماضية، نظرًا لتعدد استخداماته وأطروحات تطبيقاته المستقبلية من الناحية العملية وبخاصة لمستقبل الصحافة الورقية التي تتزايد أخطار تعرضها للاندثار يومًا بعد الآخر.
الجهاز الجديد الذي بإمكانه أن يخزن ما يقرب من 3500 كتاب و225 ألف مادة، يحتوي كذلك على قارئ لوثائق بي دي إف (PDF) – وقد أشارت أمازون إلى أنها أبرمت صفقات مع ثلاثة من كبار الناشرين ليمدوا الجهاز بالمحتويات، وأعلنت عن أنها تعاقدت بالفعل مع مؤسسات نيويورك تايمز وواشنطن بوست وبوسطن غلوب لتمد الجهاز بمنتجها التحريري. كما أن الصحف التي سيتم تحميلها عليه ستكون متاحة أمام مستخدمي الجهاز بالاشتراك فقط، وهو مشروع تجاري مشترك نجحت أمازون في إبرامه مع مجموعة من الصحف التي تشعر بذعر شديد من احتمالات تعرضها لشبح الانقراض ورقيًا.
ومن الصحف التي يمكن تحميلها الآن عبر هذا الجهاز صحف أميركية شهيرة من بينها وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز والتايم وأطلانطيك وفوربيس بالإضافة لصحف دولية كبرى أخرى من بينها صحف فرنسية وألمانية وأيرلندية مثل "لوموند" و"فرانكفورتر ألجيميين" و"ذا آيريش تايمز".
كما أن هناك صحفًا أخرى في طريقها للتحميل على الجهاز الجديد بالصورة نفسها، من بينها صحيفتي التايمز والاندبندنت البريطانيتين، ومن المنتظر أن يكون الاشتراك الشهري على سبيل المثال لصحيفة التايمز إلى مبلغ قدره ستة جنيهات ونصف إسترليني. هذا بالنسبة إلى آلية عمل الجهاز ووضعيته المتعلقة بمستقبل الصحافة الورقية، لكن هناك مميزات أخرى لا يمكن إغفالها عن هذا المنتج الجديد، فهو يتمتع بشاشة عرضة واضحة وعالية النقاء تتيح للمستخدمين الاستمتاع برؤية وقراءة المواد وكأنها تُقرأ من صحف ورقية حقيقية، الأمر الذي يُمكِّن المتصفح من رؤية الشاشة بوضوح خارج المنزل (بوجود الضوء) على عكس أغلبية شاشات الكمبيوتر المحمول أو ( البورتابل) التي عادة ً ما تكون متعبة في الأماكن المضيئة. هذا ويتميز الجهاز بأنه سهل الاستخدام، فهو لا يحتاج لحاسوب أو وصلات.
ويمكن الاعتماد عليه عن طريق وصلته اللاسلكية التي تتيح للمستخدم إمكانية التسوق بصورة مباشرة في المتجر الخاص بـ "كيندل" عبر الجهاز ذاته – سواء كان في الكرسي الخلفي من أحد سيارات الأجرة، أو في المطار، أو على فراش النوم.
كما يمكن تحميل أي كتاب عليه في أقل من دقيقة. كما يحمل نماذج مجانية لبعض الكتب، ويقوم أيضا ً بتحميل وقراءة الفصول الأولى مجانا ً قبل أن يتخذ المستخدم قرار الشراء من عدمه. وعلى مدار اليوم، يتم تحديث أكثر من 1400 مدونة كبيرة عليه – من بينها مدونات متخصصة في دنيا الأعمال والتجارة وأخرى في مجال التكنولوجيا وميادين ثانية منها الرياضة والترفيه والسياسة، ومنها على سبيل المثال (BoingBoing - Slashdot – TechCrunch -ESPN's Bill Simmons, The Onion - Michelle Malkin - The Huffington Post) . كما يتمتع هذا الجهاز الجديد بميزة أنه أخف وأنحف من الغلاف الورقي النموذجي، حيث يبلغ وزنه نحو 10.3 أوقية، ويمتلك ما يزيد عن 200 عنوان. كما تستمر بطاريته لفترة زمنية طويلة، فعند تشغيل القدرة اللاسلكية، تقوم البطارية بإعادة شحن الجهاز كل يومين. وعند فصلها، يمكن للمستخدم الاستمتاع بالقراءة عبر الجهاز على مدار أسبوع قبل أن يُعاد شحنه مرة أخرى – وهي العملية التي لا تستغرق سوي ساعتين.
وعلى عكس تقنية الواي فاي (WiFi)، يقوم كيندل باستخدام شبكة البيانات نفسها العالية السرعة ( EVDO ) على اعتبار أنها هواتف جوال متطورة – ولا يستهلك الجهاز فواتير شهرية لخدمة الاتصال اللاسلكي، ولا توجد بسببه خطط خدمية أو أي التزامات – وكل ما على المستخدم أن يعتني به هو الاتصال اللاسلكي، حتى يكون بمقدوره الضغط على الرابط المطلوب ببساطة ومن ثم شراء الشيء المراد تنزيله، وبعدها القيام بقراءته.
وإضافة ً إلى كل هذه الميزات، يحظي الجهاز بإمكانية الاتصال المجاني لاسلكيا ً بالموسوعة العالمية الشهيرة ويكيبيديا، التي تخضع لعمليات التحديث باستمرار. كما يمكن قراءة كتب كيندل على أجهزة الآي فون أو الآيبود تاتش. ويمكن للمستخدمين أيضا ً إرسال وثائقهم المحررة على نصوص الوورد وكذلك الصور بصيغها المختلفة ( JPG – GIF – BMP – PNG ) إلى الجهاز من أجل عرضها بشكل سلس أولا ً بأول.
كما يحتوي الجهاز من داخله على قارئ لاسلكي وغلاف كتاب، ومحول صغير للطاقة، وكابل مزود بمنفذ يو إس بي 2.0. كما أنه مزود من الدخل بقاموس ضخم هو ( قاموس نيو أكسفورد الأميركي ) الذي يشتمل على أكثر من 250 ألف تعريف ومشاركة، ما يمكن المستخدم من البحث بسلاسة عن معاني الكلمات دون قطع قراءته.
لكن وعلى الرغم من حجم الإثارة التي أحاطت بالإعلان عن هذا الجهاز الجديد، إلا أن آراءً أخرى وجدت أنه ليس بالجهاز المتكامل. فعلى الرغم من سعة شاشة كيندل دي إكس، فإن سعره الجديد الذي يناهز 489 دولارًا يمثل زيادة قدرها 130 دولارًا عن سعره المفترض. ويري جوشوا بنتون - من مختبر ليمان للصحافة التابع لجامعة هارفارد الأميركية: " لقد أصابتني الصدمة بسبب السعر الذي تم تحديده للجهاز فقط لمجرد تلك الزيادة في كمية المواد." كما اعتبر أن الجهاز يمثل وسيلة للسيطرة على الشبكة العنكبوتية التي لم تحقق الصحف من ورائها أرباحًا مالية طائلة.
ورأت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تقرير نشرته بعددها الصادر أمس أن هناك ثمة ثغرة أخرى في برنامج نشر المدونات الجديد الخاص بجهاز كيندل، تتمثل في أن هذا البرنامج الجديد يسمح لأي فرد بسرقة مدونات الأشخاص الآخرين، ويكيل التهم لبعض القراء بأنهم من قاموا بارتكاب ذلك. وقالت الصحيفة إن شركة أمازون كانت قد أقدمت أول أمس على تدشين إمكانية القيام بنشر مدونة على جهاز كيندل لأي فرد يقوم بفتح حساب. وهناك جانب آخر سلبي عن الطراز الجديد من الجهاز أشارت إليه بعض التقارير، يتمثل في أن لديه 16 تنويعًا على اللون الرمادي، لكنه لا يمتلك لونًا آخر. كما أنه لا يحتوي على قارئ لأقراص الفيديو.