كل من اندلق لسانه بالمديح وبح صوته بالثناء لا تصدقيه! فهو لم يعش هذا المر، ولم يذق مهانته! حتى اللاتي يتباكين لأجل قيودهن المزعومة لا تصدقيهن، فالقيود أيضا وهم! وإن أصرت إحداهن قولي ملء شدقيك: هي أساوري أتجمل بها حقيقة لا زيف. تعالي هنا أحدثك عن الحرية قبل أن يبهرك بريقها الزائف وتغرقي في وهمها! اعلمي أولا أنهم بهذا التباكي عليك لا يريدونك أن تقفزي السلم من علو.. بل بهم صبر عجيب لتنزلي درجاته الواحدة تلو الأخرى حتى وإن استغرقت المسافة الزمنية سنوات وسنوات؟؟ فتأملي معي ما يريدونك بهذا التنازل أن تصلي إليه كهؤلاء النساء اللاتي شبعن حرية حد التخمة وتحررن من كل شئ حتى من ملابسهن.. عشن الحرية بكل تفاصيلها وذقن مرارتها وتكبدن مشاق هائلة لأجلها، أراهن لاهثات منذ الفجر وحتى مغيب الشمس كل واحدة عليها أن تعمل لتعيش! أمام إشارة الطريق تشرب قهوتها وتضع زينتها بل وتتناول طعامها! تركض في سباق أنهك أنوثتها.. أرهقها أن تكون كالرجل ومساواتها به.. تعمل ما يفوق طاقتها العضلية وصبرها الغض.. أراها مبعثرة الشعر مفتولة العضلات تحتضن مقود شاحنة تسلك بها طرقات موحشة ليلا ونهارا.. أراها شرطية تطارد المجرمين وتقتفي مخاطرهم.. أراها بائعة في محطات الوقود تسهر الليل كله في وحشة وخوف حيث يتأهب اللصوص لغفلة الأمن وقد تصبح جثة في أية لحظة.. وأراها - ويا للخجل - تتحرر من معظم ملابسها في مشهد يثير الاشمئزاز وقد أرخصت جسدها للناظرين، وجعلت جرائم القتل والاغتصاب والاجهاض تتكاثر في مجتمعهم.. شيء يبعث على الحزن لهذه العقول التي غيبتها الحرية.. أي شيء يمكن أن يستحق الستر والمحافظة بعد كل هذا الخزي والتكشف!! والمؤلم أنه أصبح مألوف النظر لديهم، طبيعيا جدا.. وأراها تواقة لدفء الأسرة فلا تستطيعها؛ فصديقها يتسلى بها وقد يطردها شر طردة ساعة يملها، وكم تكون فرحتها عاصفة حد البكاء حين عقد قرانها، فقد لا تستطيع أن تردد ما يقوله القس لفرط بكائها، حتى إن إحداهن تقول بعجز بالغ (الزواج ليس مقدر لكل امرأة)!! كما قالت لي إحدى الجارات مستبشرة ان ابنتها ستتزوج صديقها وتتابع: (ربي حماها ربي حماها).
ولا تعجبي إن قلت إن فتيات صغيرات في الثالثة عشرة من أعمارهن الطفولية وتحمل جنينا في بطنها، بل وتخلى عنها الطفل الأب، وعليه تتحمل عائلتها مسئوليتها؛ فهي بعد لم تبلغ السن الاستقلالية أو سن طردها بطفلها.
وبالتأكيد ليس لأي أحد حق معاقبتها في ذلك حتى ان إحدى الفتيات المسلمات تقول إن المدارس توزع موانع الحمل منذ المرحلة المتوسطة؟؟! وهكذا حين تبلغ الفتاة السادسة عشرة من عمرها أمكنها الاستقلال عن أهلها، بل يدفعونها هم أيضا بحجة أنها أصبحت قادرة على تحمل مسئوليتها! تقول لي إحداهن: إنني أحافظ على ابنتي حتى تبلغ ستة عشر عاما، ساعتها يمكنها أن تتخذ صديقا!! وما أكثر المشاكل والجرائم المتعلقة بذلك، فالمسكينة تصبح في قلق دائم من تخليه عنها، فإذا أنجبت طفلا فهو غير مسئول عنه فهو لم يتزوجها، بل يمكنه أن يرفض انتسابه إليه وبالتالي تنسبه إلى عائلتها!!!! وتتحمل أعباء التربية صغيرة، وهذا شيء غير مستهجن عندهم، حتى انني سمعت من يسأل امرأة حاملا هل أنت متزوجة؟؟ وقد تلجأ إلى الاجهاض حتى دون علمه، ولكن حين تتزوج تتحمل عبء الأسرة فهي عاملة طيلة النهار ثم مهتمة بالبيت والأطفال برغم أنهم يعانون معها خاصة فقدها النهار كله.. أراهم يوميا رضعا يخرجون في ظروف جوية متجمدة يحملون بين أناملهم زجاجة الحليب.. وبعد كل هذا اللهاث لأجل الانفاق عليهم وتعليمهم يتلاشى ذلك كله فور استطاعتهم الاعتماد على أنفسهم!!
اشتكت إحداهن قائلة: هرب زوجي بعد إنجاب الأطفال فتحملت تربيتهم والإنفاق عليهم، لكنهم هربوا أيضا حين أمكنهم الاستغناء عني.. أشعر أن حياتي ضاعت ولم يعد لها معنى ولا نتيجة؟
هؤلاء الأولاد لا شيء يدفعهم للاعتناء بآبائهم وربما تذكروهم في الأعياد فقط، وكم أرى عجائز يعشن لوحدهن في بيوت كبيرة يقمن بشئون أنفسهن ويتمنين إطلالة من أبنائهن فلا يحصلن عليها.. يعشن على هامش الحياة ينتظرن يومهن الأخير ويجهزن لجنازة تليق بهن، وربما ماتت الواحدة منهن في بيتها أياما دون أن يدري بها أحد.. وهكذا يتخذن من الكلاب، أعزكم الله تعالى، مؤنسين وأصدقاء بل يعتبرونهم أبناء، فلا عجب أن تجيبك من إذا سألتيها هل لديك أبناء؟؟ قالت عندي بنت وكلب أو قطة وكلب! حتى انني سألت السؤال ذاته فأشارت إلى كلبها هذا ابني! بالطبع الكلاب لا تختص بالكبار فقط بل في كل بيوتهم تقريبا. وكم يكثر الطلاق بينهم وترتفع نسبته بين العاملات وتتكاثر المشاكل بينهم، ومع كل زيجة يكون لها اسم جديد فهي تنسب إلى عائلة زوجها، فإن طلقت عادت تحمل اسم عائلتها، وحين تتزوج من جديد تحمل اسم الزوج الجديد، مما يسبب الكثير من الإحراج خاصة للنساء المعروفات من طبيبات ومحاميات وغيرهن.. أهذه هي الحرية التي يريدونك أن تتقلبي في جمرها؟؟ حتى اسم عائلتك تتخلين عنه؟؟
اعلمي أنك في نعمة لمستها الكثيرات، لقد استوقفتني إحدى الكبيرات في السن ودموعها تملأ عينيها: من أين لك هذه الشجاعة لتلبسي هذا اللباس (تقصد النقاب والخمار) وأنت في بلاد الحرية؟؟ وحين قلت لها إن هذا ديني وربي في بلادي هو ربي هنا، اشتكت من النساء هنا وعدم تمسكهن بدينهن، أما اللاتي أسلمن فقد تبدل حالهن تماما -ولله الحمد- فهذه أخت تقول: كنت أعمل عارضة أزياء، وكان همي هو اجتذاب الرجال، وحين أسلمت لم أعد أطيق دخول الرجال على مجتمع نساء أنا فيه، أشعر أن في هذا إهانة لي، بل أصبحت تحرص على اللباس الساتر لابنتها ذات السنوات الخمس. وأخرى حين ذهبت للعمرة قالت إنها شعرت أن المرأة السعودية مدللة جدا جدا؛ فهي تجد من يخدمها ويقوم بشئونها أمّاً وابنة وزوجة وحتى أختاً! تقول ارتحت كثيرا من قيادة السيارة، وما أسعد المرأة السعودية بذلك - هذه همسة للمطالبات بالقيادة - فهي كما تقول تقوم بكل شيء حتى وهي غير عاملة من شراء كل متطلبات المنزل إلى إيصال الصغار للمدارس وحتى سداد الفواتير وما إلى ذلك، ويُعد هذا قليلا من كثير، بل لا شيء أمام فواجع حريتهن المزعومة.. فهل تريدين يا أخيتي هذا المصير؟؟
لا وربي، إني أربأ بك عن كل ذلك.. إنه الإسلام حمانا وكفل لنا العفة والطهارة والستر.. فصمي أذنيك عن كل ذاك الضجيج، وانعمي بالخير الذي أنت فيه، واحذري ثم احذري من التدرج فهو بداية الشرر، حمى الله تعالى نساء المسلمين ورزقهن الستر والعفاف والقناعة.
منقول .....من الساحة العربية .....